الأربعاء، 14 مايو 2025

حوار مع سارتر


 

 أجرى الحوار: برنار بانجو

من خلال موقف الجيل الجديد تجاهك يبدو موقف ميشال فوكو هو الأكثر تماسكا. علاوة على انه أثار فضول جمهور واسع. فما رأيك فيه ؟

إن ما يقدمه لنا فوكو في كتابه " الكلمات و الأشياء " عبارة عن جيولوجيا، كما لاحظ ذلك كانترز جيدا: أي تلك السلسلة من الطبقات المتتالية التي تشكل أرضيتنا. وتحدد كل واحدة من هذه الطبقات شروط إمكان قيام نمط معين من الأفكار كانت له الغلبة في مرحلة من المراحل. إلا أن فوكو لا يخبرنا عن الأهم: ألا وهو كيف ينبني كل فكر انطلاقا من تلك الشروط،  وكيف ينتقل الناس من فكر إلى أخر،  وهو ها هنا قد يحتاج إلى إدخال الممارسة (البراكسيس) والتاريخ بالتالي،  وهذا بالضبط ما يرفضه،  أكيد أن منظوره يظل تاريخيا. فهو يميز بين المراحل،  السابق منها واللاحق. غير انه يضع الفانوس السحري في محل السينما، ( أي يضع) تعاقبا من لحظات السكون في محل الحركة. أن الحفاوة التي قوبل بها كتابه تدل،  بما فيه الكفاية،  على أن الناس كانوا بانتظاره. والحال أن الفكر الأصيل حقا،  لا يجد قط أحدا في انتظاره. و فوكو يمنح الناس ما كانوا في حاجة إليه: أي تركيبا انتقائيا يستعمل فيه روب – جرييه والبنيوية واللسانيات ولاكان و" تيل كيل " بالتناوب قصد البرهنة على استحالة قيام أي تفكير تاريخي.

إن فوكو يهدف،  بالطبع،  من خلال هجومه على التاريخ إلى الهجوم على الماركسية. والمطلوب هو تشكيل إيديولوجية جديدة،  تكون بمثابة السد الأخير الذي لازال بمستطاع البرجوازية إقامته في وجه ماركس. لقد كان الايدلوجيون البورجوازيون في الماضي يطعنون في النظرية الماركسية  عن التاريخ باسم نظرية أخرى. إما بإنجاز تاريخ للأفكار،  كما فعل توينبى،  أو بتصوير تتابع الحضارات على هيئة سيرورة عضوية،  كما صنع شبينغلر،  أو بفضح انعدام المعنى والعبث في   تاريخ " ملئ بالصخب والعنف " كما فعل كامو. ولكن كل هذه التواريخ المزعومة أصبحت خبرا بعد عين،  لان المؤرخين الحقيقيين لم يحتفظوا بها قط. ويمكن للمؤرخ اليوم أن يكون غير شيوعي ؛ إلا انه يعلم انه من غير الممكن أن يكتب تاريخا جديا دون أن توضع العناصر المادية لحياة الناس،  وعلاقات الإنتاج،  والممارسة ( البراكسيس )، في المقام الأول،  - حتى وان كان ( هذا المؤرخ ) يعتقد، مثلى،  أن " البنيات الفوقية " تشكل مناطق مستقلة نسبيا فوق تلك العلاقات. وعلى ضوء هذه الأعمال تبدو كل النظريات البورجوازية عن التاريخ بمثابة صورة كاذبة مبتورة. وليس بالإمكان اختراع نسق جديد لا يشوه،  بشكل أو بآخر مجموعة المحددات المشروطة هذه. ولانعدام القدرة على تجاوز الماركسية،  فينبغي إذن حذفها. سيقال انه من المتعذر الإمساك بتاريخ كتاريخ،  وان كل نظرية للتاريخ هي بالتحديد "دوكسولوجيا" ( نظرية تقوم على الشكر والحمد )،  إذا ما استعملنا مصطلح فوكو. و بالتخلي عن تبرير مراحل الانتقال،  سيتم معارضة التاريخ – وهو ميدان اللايقين – بتحليل البنيات الذي يسمح،  وحده،  بالبحث العلمي الحقيقي.

- أنت ترفض البنيوية إذن ؟

- أنا لا أناهض البنيوية،  قطعا،  إذا ما بقى البنيوي واعيا بحدود المنهج. هكذا يقول لنا بينفينست، بعد سوسير: " لقد غالى الناس كثيرا في استعمالهم للتعاقب أثناء دراستهم للسان. وقد آن أوان النظر إلى هذا الأخير من زاوية تزامنية، أي باعتباره نسقا من التعارضات ". و أنا اقبل هذه الفكرة بسهولة،  خصوصا وان الفكر بالنسبة لي لا يختلط باللغة. وقد مضى زمن كان الناس فيه يحددون الفكر باستقلاله عن اللغة،  وكأنه شيء لا يمكن الإمساك به،  كأنه شيء لا يوصف،  يسبق التعبير في الوجود. وها هم اليوم يسقطون في الخطأ المعاكس. فيحاولون إقناعنا بأن الفكر ليس سوى لغة،  كما لو أن اللغة نفسها لم تكن منطوقة.

والحقيقية أن ثمة مستويين للغة،  بحيث تتمظهر هذه في المستوى الأول باعتبارها نسقا مستقلا ذاتيا،  يعكس (عملية ) التوحيد الاجتماعي. أن اللغة عنصر من عناصر "المجال العملي – لها مد" أي مادة صوتية توحدها مجموعة من الممارسات. ويتخذ الباحث اللغوي كلية العلاقة هذه موضوعا لدراسته،  وله الحق في القيام بذلك مادامت ( هذه الكلية ) مشكلة سلفا. هذه هي لحظة البنية،  حيث تبدو الكلية وكأنها شيء دون إنسان،  كأنها شبكة من التعارضات يتحدد طرف كل عنصر فيها من طرف عنصر آخر،  وحيث لا حد هناك،  إذ لا وجود لغير العلاقات والاختلافات. إلا أن هذا الشيء الذي غاب عنه الإنسان هو في نفس الوقت،  مادة شكلها الإنسان،  وتحمل اثر الإنسان. وانك لن تجد في الطبيعة،  تعارضات مثل  تلك التي يصفها عالم اللغة. أن الطبيعة لا تعرف سوى استقلال القوى. وترتبط العناصر المادية،  بعضها ببعض ،  كما تؤثر بعضها في بعض. إلا أن هذا الرابط خارجي دائما. ولا يتعلق الأمر بعلاقات داخلية،  مثل تلك العلاقة التي تضع المذكر مقابل المؤنث،  والجمع مقابل المفرد،  أي أن الأمر لا يتعلق بنسق يشرط وجود كل عنصر داخله  وجود باقي العناصر. وإذا ما سلم المرء بوجود نسق من هذا النوع،  وجب عليه التسليم أيضا بان اللغة لا توجد إلا منطوقة،  أي لا توجد بعبارة أخري إلا وهى قيد الفعل. ويحيل كل عنصر من عناصر النسق إلى كل،  غير أن هذا الكل ميت ما لم يتكفل به شخصا ما،  ويشغله على هذا المستوى،  (وهو المستوى الثاني)،  لا يعود الكلام عن بنيات جاهزة  قد توجد دوننا. وهناك في نسق اللغة شيء لا يمكن للهامد إعطاءه لوحده،  وهو اثر ممارسة ( من الممارسات ) و لا تفرض البنية نفسها علينا إلا في نطاق ما هي مشكلة من قبل آخرين ولكي نفهم كيف تتشكل، ينبغي لنا، إذن،  إعادة إدخال الممارسة ( البراكسيس) من جديد كسيرورة مجمعة. على التحليل البنيوي أن يفضي ( إذن) إلى فهم جدلي.

 •        وهل ينطبق النقد الذي طرحته الآن على أعمال ليفى ستراوس؟

- لقد احتج ليفى ستراوس غير ما مرة على المغالاة في استعمال مفهوم البنية في بعض الميادين التي يكون تطبيقها فيها محفوفا بالمزالق فعلا: مثل النقد الأدبي. أما الأبحاث التي يقوم بها هو بالذات في ميدانه فهي أبحاث إيجابية. ومن المؤكد أن التحليل البنيوي يسمح بفهم افضل لنسق علاقات القرابة المعقد،  أو لدلالة الأسطورة في المجتمعات العتيقة. إلا أن البنيوية،  كما يتصورها و يمارسها ليفى ستراوس،  ساهمت كثيرا في الحط الحالي من التاريخ، طالما أنها لا تنصب إلا على أنساق اكتمل تشكلها،  الأساطير مثلا. وإذا كانت وظيفة الأسطورة،  ظاهريا،  هي دمج العناصر العبثية أو المستهجنة التي تهدد حياة مجتمع ما،  يبقى أن الناس هم الذين بلوروا الأسطورة وصاغوها،  بل أن أوغل المجتمعات في القدم، و أكثرها جمودا في الظاهر،  تلك المجتمعات التي يسميها ليفى ستراوس المجتمعات " الباردة "،  هي مجتمعات ذات تاريخ،  فقط يأخذ (هذا التاريخ) حيزا زمنيا أطول من الحيز الذي يأخذه تاريخ المجتمعات"الساخنة". ويستحيل من منظور بنيوي،  أي لا جدلي،  تناول هذا التطور. فالتاريخ يتبدى و كأنه ظاهرة محض منفعلة،  إما لكون البنية تحمل في طياتها،  ومنذ البداية،  أسباب موتها،  أو لان عنصرا خارجيا يحطمها.

لست اعترض على وجود البنيات،  ولا على ضرورة تحليل أوليتها. ولكن البنية ليست بالنسبة لي سوى لحظة من لحظات " المجال العملي – الهامد"،  إنها نتيجة ممارسة (براكسيس) تتجاوز منفذيها. ولكل إبداع بشرى ميدان سلبيته ؛ لكن ليس معنى ذلك أن السلبية تخترقه كلية. أنت تذكر كلمة اوغست كونت:" التقدم هو تطور النظام "،  إنها تنطبق تماما على الفكرة التي كونها البنيويون عن التعاقب، والتي تقول: أن الإنسان يتطور،  بمعنى ما،  من طرف تطور البنية ذاته. وأنا لا اعتقد أن التاريخ هو النظام. و إنما هو اللانظام. لنقل انه لا نظام عقلاني. وفى ذات اللحظة التي يحافظ فيها التاريخ على النظام،  أي البنية،  فانه يكون بصدد تفكيكها،  هكذا يخلق صراع الطبقات بنيات تتجلى عبرها،  وتشرطه بالتالي،  ولكنه بقدر ما يسبقها زمنيا بقدر ما يواصل تجاوزها دون توقف.

سأتناول مثلا هو ساد. أن عمل ساد يقع ضمن مجموعة " اركيولوجية " معينة. فهناك لغة العصر،  وهناك أيضا نمط الفكر الميت المترسب فيها. و من ضمن الموضوعات الأساسية لهذه الأيدلوجية ( نجد ) موضوعة الطبيعة. أن بورجوازي القرن الثامن عشر يعتبر أن الطبيعة خيرة. ولكن ساد ليس بورجوازيا. فهو أرستقراطي يشهد الانحدار المتزايد لطبقته. وهو يعلم أن الإمتيازات آخذه في الزوال. انه يجد نفسه،  إذن،  تجاه الآخرين،  في وضع من يملك،  نظريا،  حقوقا لا حد لها،  وفى نفس الوقت الذي لم يعد قادرا فيه على التمتع بها،  ولا على تحقيق رغبته الفردية كأرستقراطي.

هذه هي الوضعية الأصلية. و لفهم معناها كان على ساد أن يتجاوزها،  لصالح تركيب ذاتي،  (كان) هو السادية. إن السادية نظرية للعلاقة بين الناس ؛ وما يبحث عنه ساد هو التواصل. لكنه،  ولكي يعبر عن أفكاره حول التواصل،  سيجد نفسه مضطرا لاستعمال اللغة المعطاة له. ولو أن السادية جاءت متأخرة بقرن من الزمان لعرفت بأنها مناهضة للطبيعة. الأمر الذي لم يكن ممكنا في القرن الثامن عشر، بحيث كان على ساد  أن يمر عبر فكرة الطبيعة. هكذا سيقيم، إذن،  نظرية للطبيعة مماثلة لنظرية البرجوازيين مع فارق واحد هو أن الطبيعة،  بدلا من أن تكون خيرة، ستكون شريرة، فهي تريد موت الإنسان. وهكذا سينتهي كتاب "جولييت" بصورة رجل يستمني في بركان.

إن ما أقوله هنا سريع جدا،  بالطبع. و لكنك ترى أن هناك علاقة مزدوجة: ف" الطبيعة " تسرق من ساد معنى فكره،  إلا أن ساد يسرق، بدوره،  المعنى من الطبيعة.

- كيف  تفسر الحظوة التي يتمتع بها التوسير لدى نفس المثقفين الذين يعلنون انتماءهم لليفي ستراوس او فوكو او لاكان ؟ مع العلم أن التوسير ماركسي.

يؤكد التوسير بان الإنسان يصنع التاريخ دون وعى منه. ليس التاريخ هو الذي يقتضيه، بل أن المجموعة البنيوية التي يتموضع ضمنها هي التي تشرطه. أن التاريخ يدلف إلى البنيات. لكن التوسير لا يرى أن ثمة تناقضا بين بنية المجال العلمي الهامد وبين الإنسان الذي يكتشف نفسه مشروطا بها. ويتخذ من كل جيل تباعدا جديدا تجاه هذه البنيات،  وهذا التباعد هو الذي يسمح بتغير البنيات ذاتها. ويتمسك التوسير،  مثله في ذلك مثل فوكو،  بتحليل البنيات. الأمر الذي يرجع – من الزاوية الايبستيمولوجية – إلى اتخاذ موقف لصالح التصور (le concept) ضدا على المفهوم (la notion). فالتصور لا زماني. ويمكن لنا أن ندرس كيف تتوالد التصورات،  بعضها من بعض،  داخل مقولات محددة. غير أن الزمن ذاته،  والتاريخ بالتالي،  لا يمكنهما أن يكونا موضوعا لتصور ما،  فهناك تناقض في الحدود. وما أن يدخل المرء الزمنية،  حتى يلزمه مراعاة أن التصور يعرف تعديلا داخل التطور الزمني. أما المفهوم فيمكن تحديده، على عكس ذلك،  باعتباره ذلك المجهود التركيبي الهادف لانتاج فكرة تتطور هي ذاتها، عبر التناقضات و التجاوزات المتتالية،  وتكون، من ثم، متجانسة مع تطور الأشياء. وهذا ما يسميه فوكو "دوكسولوجيا" ويرفضه.

وخلف هذا التيار الفكري بمجمله نجد،  في العمق، موقفا ديكارتيا جدا: فمن جهة هناك التصور، وهناك الخيال من جهة أخرى. وهذا هجوم ضد الزمن. (فالموقف المذكور) يرفض التجاوز، أو على الأقل، يرفض تجاوزا يقوم به الإنسان. وهنا نعود إلى النزعة الوضعية. فقط ( ينبغي توضيح ) إنها لم تعد وضعية وقائع، بل صارت وضعية علامات. هناك كليات، أو مجموعات مبنينة تتشكل عبر الإنسان،  بحيث تنحصر وظيفة الإنسان الوحيدة في فك رموزها،  وان يكون فوكو قد حيا المجهود " الشجاع " لالتوسير،  فهذا دليل على انهم يسيران،  معا، في نفس الاتجاه. عندما كان ماركس قيد الحياة،  لم يستعمله آخرون قط. وإذا ما استطاع البنيويون استعمال التوسير،  فذلك يرجع إلي أن لديه إرادة تفضيل البنيات على التاريخ.

- يقدمك البعض،  أحيانا، على انك آخر الفلاسفة. وهذه طريقة لقول أن الفلسفة قد ماتت. فما رأيك ؟

إذا ما سلم المرء،  مثلى،  بان الحركة التاريخية تجميع دائم،  وبان كل إنسان هو جامع ومجمع في كل آن و حين،  فان الفلسفة تمثل مجهود الإنسان المجمع من اجل استعادة معنى التجميع. ولا يمكن لأي علم تعويضها،  وذلك لان كل علم ينصب في ميدان،  من ميادين الإنسان،  سبق تقطيعه. ومنهج العلوم تحليلي،  في حين أن منهج الفلسفة لا يمكن إلا أن يكون جدليا. وان الفلسفة – من حيث هي تساؤل حول الممارسة ( البراكسيس ) – هي بذات الوقت تساؤل حول الإنسان،  أي  حول الذات الجامعة للتاريخ. ولا يهم ان تكون هذه الذات قد حادت عن مركزها أو لم تحد. كما أن الأساسي ليس هو ما صنع بالإنسان،  بل ما صنعه هو بما صنع به. وما صنع بالإنسان هو البنيات،  هو المجموعات الدالة التي تدرسها العلوم الإنسانية. أما ما يصنعه الإنسان،  فهو التاريخ ذاته،  هو التجاوز الواقعي لهذه البنيات عن طريق ممارسة جامعة. وتقف الفلسفة في نقطة التقاطع. أن الممارسة ( البراكسيس) هي،  في حركتها، تجميع تام ؛ إلا إنها لا تنتهي قط سوى إلى تجميعات جزئية،  سيتم تجاوزها بدورها. والفيلسوف هو ذلك ( الشخص )  الذي يحاول التفكير في هذا التجاوز.

وهو يملك منهجا لهذا الغرض،  وهو المنهج الوحيد الكفيل بتناول مجمل الحركة التاريخية عبر نظام منطقي،  هو الماركسية. والماركسية ليست نظاما جامدا،  و إنما هي مهمة ومشروع مطروحان للإنجاز. و لأسباب مختلفة حصل توقف في إنجاز هذه المهمة،  لقد رفض الماركسيون لمدة طويلة،  إدماج المعارف الجديدة حول الإنسان،  ومن هنا أفقرت الماركسية. أن المسالة المطروحة اليوم،  هي مسالة معرفة ما إذا كنا نرغب في إعادة الحياة إليها،  عبر توسيعها وتعميقها،  أم أننا نفضل تركها لتموت. أن يتخلى المرء عن الماركسية معناه التخلي عن فهم الانتقال. و الحال أنني أظن بأننا دائما في حالة انتقال،  ودائما في حالة تفكيك عبر الإنتاج و في حالة إنتاج عبر التفكيك ؛ وبان الإنسان منقطع وبشكل دائم عن البنيات التي تشرطه،  وذلك لأنه مختلف عما يجعل منه ما هو،  وبالتالي لست افهم هذا التوقف عند البنيات: فهذه فضيحة منطقية بالنسبة لي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سارتر بين الوجوديين