أحاديث بول ريكور وجابريل مارسيل
د.
ماهر شفيق فريد
في
عام 1968 صدر كتاب للفيلسوف الفرنسي المعاصر جابريل مارسيل عنوانه:
"أحاديث" يضم محاوراته مع بول ريكور وذلك بعناية الناشر أوبييه، وفي
1973 صدرت ترجمة إنجليزية لكتاب مارسيل المسمى "الحكمة المأسوية وما
وراءها" تضم هذه الأحاديث من ترجمة ستيفن جولين وبيتر ماكورميك (الناشر:
مطبعة جامعة نورث وسترن، إيفانستون، الولايات المتحدة الأمريكية، 1973).
طرفا هذه الأحاديث إذن
اثنان أحدهما ريكور موضوع عدد من الدراسات في هذا العدد من "أوراق
فلسفية" ومن ثم لا أزيد عن هذه الإشارة إليه. أما الثاني فربما كان على علو
كعبه وأهمية إنجازه، بحاجة إلى شيء من التنويه بعد أن طغت على شهرته شهرة سارتر
وهيدجر اللذين ملئا الدنيا وشغلا الناس.
ولد جابريل أونوريه
مارسيل في 17 ديسمبر 1989 بمدينة باريس وبها توفي في 8 أكتوبر 1973، تلقى دراسته
في ليسيه كارنو بباريس ثم في السوربون حيث حصل على شهادة الأجريجاسيون في الفلسفة
عام 1910 اشتغل مع الصليب الأحمر خلال الحرب العالمية الأولى. تزوج في 1919 تحول
إلى الكاثوليكية في 1929. اشتغل بالتدريس في عدد من مدارس الليسيه في فندوم وباريس
ومونبلييه 1912 - 1941 ثم اشتغل قارئا لدى الناشرين جراسيه ويلون، وكتب نفدا
مسرحيا وموسيقيا لمجلة "الآداب الجديدة" (نوفل ليترير) 1945 - 1968.
حاضر في جامعة أبردين باسكتلندا (1949) وجامعة هارفرد بولاية ماساشوستس الأمريكية (1951)،
نال عددا من الجوائز الجوائز الكبرى وشهادات الدكتوراه الفخرية من عدة جامعات وحصل
على وسام الشرف الفرنسي وغيره من شارات التكريم.
كان مارسيل من رواد
الفكر الوجودي والظاهرياتي في فرنسا، وعرف باستكشافه الحساس المضيء لاختيارات
الوجود الإنساني وأعماقه، مع توجه ديني كانت خلفيته الفلسفية الباكرة مثالية
المنزع فقد تأثر بهيجل وشلنج، والهيجليين البريطانيين الجدد برادلي وبوزانكيت،
وفيما بعد بالفيلسوف الأمريكي جوزيا رويس. ثم بدأ يتحرك من المثالية التجريدية إلى
فلسفة أكثر عينية عرفت بالوجودية المسيحية أو السقراطية الجديدة. ولا ريب في أن
برجسون كان من العوامل الكبرى التي أدت إلى هذه النقلة في فكره من المثالية إلى
ضرب جديد من الواقعية.
حلل مارسيل في كتاباته
تحليلا لامعا أفكار الثقة والحب والأمل والقنوط، والانتحار والمواقف الوجودية التي
تؤدي إلى النفي وتدمير الذات فضلا عن توكيده الكينونة، والوجود مع الآخرين ومفهوم
المشاركة والانخراط في علاقات مع الآخرين والتفتح لهم، وبذلك حقق توازنا في وجه
إلحاح سارتر في مرحلته الباكرة على عزلة الكائن الإنساني وإخفاق التواصل بين
الذوات وقيام العلاقات الإنسانية على الصراع.
أعاد عمل مارسيل إلى
الفلسفة مناطق بأكملها من الخبرة الإنسانية كانت مهملة في الفلسفات التقليدية
الشائعة في شبابه ومطلع رجولته: نعني خبرات جمالية ودينية وشخصية وواقعية في مناطق
ما بين الذوات واتسمت فلسفته - ومن هنا كانت وجوديتها - بالإلحاح على الخبرة
العينية المعيشة ودعوة الفيلسوف إلى أن ينطلق من سبر أغوار خبرته الخاصة بكل
أبعادها وأعماقها إلى فهم للوضع الإنساني وعلاقة الإنسان بواقع متعالٍ. لم يكن
يرمي إلى ذاتية أنا وحدية وإنما إلى علاقة مشتركة بين الذوات بحيث يكون بحث
الفيلسوف محفوفا بنداءات وإجابات سائر
الأشخاص وما مر بهم من خبرات (انظر مقالة سيموركين عن مارسيل في كتاب "مفكرو
القرن العشرين" تحرير رونالد تيرند، مطبعة سانت جيمز" ترويت 1987، ص 497
- 498).
تضم أعمال مارسيل في
الفلسفة واللاهوت: يوميات ميتافيزيقية (1914 - 1923) ، الكينونة والمِلك، من
الإباء إلى النداء، الإنسان الجوال: مداخل إلى ميتافيزيقا للأمل، ميتافيزيقا رويس،
سر الكينونة، اضمحلال الحكمة، الإنسان الإشكالي، المسرح والدين، الحضرة والخلود:
يوميات ميتافيزيقية (1938 - 1943) شذرات فلسفية (1909 - 1914) كولردج وشلنج، وغير
ذلك من الأعمال. وله عدد من المسرحيات منها: اللطف، قلب اللآخرين، محطم الأوثان،
طريق القمة، رجل الله، المحراب المضيء، العالم المكسور، أريادني: طريق كريت،
الرمح، الظمأ، الأفق، روما لم تعد في روما، وبعض مسرحيات كوميدية.
المحاورات التي أعرضها
هنا - شأنها في ذلك شأن محاورات برتراندراسل مع ودروويات (ترجمها إلى العربية محمد
عبد الله الشفقي، سلسلة كتب ثقافية، الدار القومية للطباعة والنشر، 1961)، وكذلك:
على مستوى أدنى قليلا محاورات لطفي الخولي مع رسل وسارتر (سلسلة اقرأ، دار
المعارف، أكتوبر 1968) - تمثل الفيلسوف حين يمتلك عقله بمحاور ذكي عالم فتنفتح من
لقاء العقول واصطراعها شرارات تضيء كثيرا من المناطق المجهولة في فكر الفيلسوف،
فضلاعما يتسم به فن المحادثة من طابع غير رسمي، أكثر حميمية من الأطروحات الفلسفية
الرسمية، بما يتيح لنا أن نطل على الإنسان
في الفيلسوف رجلا منخرطا في سياق مكاني وزماني وحضاري وشخصي معين.
أحسن المفكر والمترجم
الراحل فؤاد كامل - حين كتب عن مارسيل
محاورا يجيد فن الاستماع كما يجيد فن الكلام: "كان ينعم في أعوام شيخوخته
بصداقة الكثيرين من الأدباء والفنانين ... وقد التف هؤلاء جميعا حوله نظرا لما تمتاز به شخصيته المتزنة من سخاء ووضوح في
الرؤية، ورغبة صادقة في الاتصال وقدرة فائقة على الحوار،وعلى الدفاع عن الأفكار
التي جعلت لحياته معنى في حماسة وحرارة، هذا دون أن تحول تلك الحماسة عن الإصغاء
إلى الآخرين، والتعاطف مع أفكار أبسط الناس" (فؤاد كامل، مدخل إلى فلسفة
الدين ودراسات أخرى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1994، ص 95.
الأحاديث
-1-
في المحادثة الأولى
يثير ريكور مسألة الجذور الفكرية لمارسيل في مرحلته المبكرة: مرحلة اليوميات
المتيافيزيقية التي شرع في كتابتها منذ عام 1914 فصاعدا إلى أن نشرها في 1927
وكذلك مقالة "حول السر الأنطولوجي" التي نشرها في 1933 على شكل تذييل
لمسرحيته المسماة العالم المكسور" ومرحلة الإعداد لكتاب "الكينونة
والمِلك" الذي قُدر له أن يضم محاضرات مارسيل في ذلك الحين. يسأله ريكور:
"ماذا كانت تتطلب المرجعية الفلسفية في ذلك الحين؟".
فييجيب
مارسيل: لقد كان من حسن حظي أن أحضر محاضرات برجسون لمدة عامين في الكوليج دي
فرانس. ولن أستطيع قط أن أسترجع تلك الخبرة دون أن يغمرني الانفعال. ففي كل مرة
كان المرء يوجد فيها هناك كان ذلك – على نحو ما – بقلب خافق ونوع من الأمل في
الاستماع إلى كشف. أجل كان شعورنا حقا هو أن برجسون كان يخوض مراحل اكتشاف شيء ما،
مراحل أن يكشف لنا عن جوانب معينة، أعمق واكثر خفاء من واقعنا الخاص.
ولكن
المفارقة في حالتي هي أن هذا الإعجاب الذي كنت أكنه لبرجسون كان متزامنا أو بالأدق
أن أقول: متعايشا مع نزوع بالغ الاختلاف كان - عموما - ضربا من العبادة لأكثر
أنواع التفكير تجريدا وجدلية.
وهنا
يقول ريكور: "كنت تقرأ شلنج…"
فيرد
مارسيل : أجل، كنت أقرأ شلنج والقليل من هيجل. وكنت أقرأ بصفة خاصة وعلى نحو أعمق
الهيجلييين الجدد الإنجليز، وبخاصة برادلي. في ذلك الوقت كان ثمة ضرب من الشق فيّ
بين هذا الانشغال بصرامة تجريدية وذائقة في الوقت ذاته للمغامرة الفلسفية. وإني
خليق أن أقول إن هذا التعارض مما كان ليمكن حله إلا على نحو بالغ البطء وربما
جزئيا فحسب، على الدوام.
ويقول
ريكور: إن تأملاتك في "الشعور" وفي "التلقي" في
"اليوميات الميتافيزيقية" قد افتتحت في الواقع نوعا من التحليل قدر له
أن يصيب نجاحا كبيرا في الفلسفة الفرنسية. إنك الرجل الذي أقام صلة بين فلسفة
الإحساس وفلسفة الوجود. لم يعد الإحساس مجرد شأن من شئون الفسيولوجيا النفسية.
فالإحساس، بحسب ما تقول، يشهد بمشاركتنا في الوجود، مشاركة نفسية في عالم الأشياء
الموجودة. وعندما انتقدت مفهوم الإحساس كرسالة تمر بين شيء وأخر، بين ناقل
ومستقبل، ارسيت أساس ما دعاه ميرلوبونتي وآخرون فيما بعد فينومينولوجيا الإدراك
الحسي.
فيرد
مارسيل : أجل، هذا محتمل جدا. ولكن ألا تظن أن كلودل في فنه الشفهي قد استبق هذا
على نحو ما، في فكرته عن الميلاد معا Co-naissance ؟ إني أحرص دائما على ذكر مصادري، فأنا
أستبشع العقوق وفقدان الذاكرة. وأعتقد أني هنا أدين دينا خاصا لكلودل رغم. إن
كلودل لا يلوح لنا فيلسوفا بالمعنى الفني للمصطلح. ولكن ألا تنكسر هذه الحواجز
والتقسيمات لدى الرجل العبقري بحيث يتضام الشعر والفلسفة؟ لهذا لا أظن أني أظلم
نفسي عندما أوضح هنا ديني لنظرية كلودل
الشعرية وممارسته.
- 2 -
وفي المحادثة الثانية
يعيد مارسيل تأكيد دينه لكودل، يقول له ريكور: إن القول "لا شيء يكون"
معناه "لا شيء يهم". . لا بد لي من أن أقوم بفحص أعمق لهذا الضرب من
العدمية. إنك تقول في "يوميات ميتافيزيقية" : "احرص ألا تخلط
"أن يكون" بـ "أن يوجد"".
فيرد مارسيل: وهنا ألا
يتبادر كلودل إلى الذهن مرة أخرى؟ تذكر تلك الشخصية العدمية في كتابه
"المدينة" التي تعلق عند إحدى النقاط "لا شيء كائن". هنا من
المحقق أن تأثير كلودل، أن بصمته على فكري، كانا عميقين. وكثيرا ما أتيحت لي
الفرصة في نصوصي التالية لأن أورد هذه القطعة من "المدينة". إنها تبدو
لي كاشفة على نحو بالغ.
وينتقل ريكور
بالمحادثة إلى فلسفة ديكارت وما تعنيه لنا اليوم، فيقول مارسيل: لست أريد أن أقول
إني ضد الكوجيتو (أنا أفكر) فهذا خليق أن يكون سخفا محالا. إن ما أردت أن أقوله هو
أن ديكارت يلوح لي أنه، على وجه الدقة، قد أخطأ بين الطابع الذي لا جدال فيه
للوجود، وهو طابع يلوح عموما سابقا لأي تصميم أو أي فعل ذهني كائنا ما كان شأنه،
وأظن أن علينا أن نفحص - لكني لم أضطلع قط بهذه المهمة - العلاقة بين ما رسمت
خطوطه الخارجية في ذلك الحين وما فصّلت بلا شك في أعمالي اللاحقة [من ناحية] وما
كتبه كارل باسيرز ضد الكوجيتو [من ناحية أخرى]. أعتقد أن مواقفنا في هذا الصدد
بالغة التقارب.
فيعقب ريكور : أجل
ولكن كليكما قد قرأ ديكارت بمصطلحات كانطية". ويوافق مارسيل على صياغة الأمر
على هذا النحو.
ويوجه
ريكور إلى مقالة "حول السر الأنطولوجي" نقدا مؤداه أنها ليست نقدية
بدرجة كافية. ويسوق قول مارسيل في هذه
المقالة: "إن الكينونة هي - أو ينبغي أن تكون - ضرورية فمن المستحيل أن يختزل
كل شيء إلى تلاعب بمظاهر متعاقبة لا يتسق بعضها مع بعض (وعبارة "لا
يتسق" أساسية هنا) أو أن يختزل - بكلمة شكسبير - إلى حكاية يرويها أبله"
[مسرحية مكبث]. فأنا أطمح إلى أن أشارك في هذه الكينونة، في هذا الواقع". ثم
يسأله ريكور: "ألا ينتهي التأمل النقدي إلى مساءلة قيمة هذا الاحتجاج
وسلامته؟ ألا يؤدي بنا إلى رفض قولك: "الكينونة هي" أو حتى أن هذه
الكينونة "ينبغي أن تكون" باعتباره تعبيرا عن تفكير قائم على التمني،
خلط بين الرغبة والواقع؟".
ويرد مارسيل : "من المؤكد أن هذه مسألة يتعين
علينا إثارتها والحق أني قد أثرتها في ذالك الوقت وعدت إليها فيما بعد مرات كثيرة
ولكن الإجابة كان ينبغي أن تصاغ على نحو أشد صرامة بكثير مما صغتها به. إن ما كنت
أحاول أن أبينه هو – أولا – إن فلسفة تهمل
"الضرورة" Exigence الأنطولوجية أو تدحضها ممكنة، بالمعنى الدقيق
لكلمة الإمكان. إن فلسفة للقنوط أمر ممكن. ولا أعتقد أنه يمكن القول جديا بأن مثل
هذه الفلسفة تستتبع تناقضا. إن ما يبدو لي زائدا هو التظاهر - مثلما يفعل بعض
المتشائمين - بأن فلسفة القنوط هذه تتطلبها في الواقع حقيقة موضوعية معينة، بناء
معين للأشياء، يمكن النظر إليه بمعزل عن كل شكل من أشكال الرغبة. أعتقد في الواقع
أن ثمة افتراضا هنا وأن هذا الافتراض بحاجة إلى أن يُستكشف من وجهة نظر فلسفة
كفلسفتي".
- 3 -
وفي المحادثة الثالثة
يتناول المتحدثان العلاقة بين أعمال مارسيل الفلسفية وأعماله المسرحية. يسأله
ريكور: "كيف تنظر إلى مسرحياتك الآن؟ كيف ترى العلاقة بين عملك المسرحي وعملك
الفلسفي؟" فيجيب مارسيل: الحقيقة أن الصلة بين الفلسفة والدراما في حالتي هي
أوثق الصلات الممكنة وأكثرها حميمية. وإذا توخيت الإيجاز فسأقول إن فلسفتي وجودية
بقدر ما هي في الوقت ذاته دراما، أي إبداع دارمي. إن ما استوقفني كثيرا خلال هذه
السنوات الأخيرة إذ أتأمل عملي حقيقة مؤداها أن الوجود أو - إن شئت - الذات
الموجودة لا يمكن التفكير فيها على نحو كفء إلا حيث يُسمح للذات المفكرة أن تتكلم.
فإذا تحدثنا عن هذه الذات الموجودة على نحو آخر فإننا نصر في الكلمات على طابعها
الذاتي، ولكن مجرد الواقعة المتمثلة في أننا نتحدث عنها تجعلنا نحيلها موضوعيا ومن
ثم نحرّفها.
بديهي أن هذه الوجهة
من النظر بَعدية. فمن الناحية الزمنية لم
أتقدم على هذا النحو البتة، أضف إلى ذلك - وربما أتيحت لي فرصة فيما بعد كي أكرر
هذا - أني كنت أفكر في الدراما كثيرا قبل أن أعرف أو تتجه شكوكي إلى كنه الفلسفة.
لكنك إذا سألتني كيف أفهم
هذه العلاقة اليوم فسأشير إلى نص ظهر في الربيع الفائت نمّيتُ فيه مقارنة تلوح لي دقيقة غاية الدقة.
إذا أخذ عملي ككل فإنه يمكن - فيما أظن - أن يُقارن ببلد كاليونان يتألف في الوقت
ذاته من جزء من القارة وجزر. إن الجزء القاري هو كتاباتي الفلسفية. وهنا أجد نفسي
إلى حد ما في صحبة مفكرين من عصرنا مثل باسيرز ومارتن بوبر وهيدجز، أما الجزر فهي
مسرحياتي. لم كانت هذه المقارنة؟ كما أنه من اللازم أن يقوم المرء بعبور كي يصل
إلى جزيرة فإنه لكي تصل إلى عملي المسرحي، خلقي الدرامي، يلزم أن تترك الشاطئ
وراءك . على الذات المفكرة أن تترك نفسها
- على نحو من الأنحاء - في الخلف وتنسى نفسها لكي تستسلم بصورة كاملة، لكي تُتَشرب
في الكائنات التي تصورتها والتي يتعين عليها أن تنفخ فيها الحياة. وقد يكون لي أن
أضيف - ولا أظن هذا من نافلة القول - أن العنصر الذي يوحد القارة والجزر في عملي
هو الموسيقى. فالموسيقى هي في الحقيقة أعمق المستويات، وعلى نحو معين فالأولوية
للموسيقى.
ويتناول ريكور خيط
الموت في مسرحيات مارسيل فيقول: أظن أن خيط الموت هو الخيط الذي يبلور بحثك تماما
مثلما يبلور بحث الشخصية الرئيسية والمشاهد والقارئ. لقد كتبت في أحد المواضع إن
الموت هو "اختبار الحضور" وكذلك إن الموت هو "منصة وثب أمل
مطلق" .. إن الموت في عملك المسرحي يُحمل على محمل الجد لا موتى فحسب وإنما،
كما تقول مُلّحا، موتك. الموت هو في الحقيقة الأزمة التي تحطم بصورة كاملة كل
إيمان بالوجود، كل يقين في الحضور، إن مسرحك إذن مطهر، بل إنه أكثر من مطهر، إنه
شاهد.
فيقول مارسيل : إن دور
الموت في مسرحياتي له الأولوية بصورة مطلقة، وكذلك على نحو من الأنحاء دور المرض.
وعَرَضًا كان هذا أحد الأشياء التي لامني عليها على نحو غير معهود [الناقد
المسرحي] بيير إيميه توشار، في كتابه المسمى "ديونيسوس" فهو يقول إني
أوليت المرض والموت أهمية أكثر من اللازم. وأعترف أن هذا قد جعلني أبتسم، لأني لا
أعتقد أن المرء يستطيع أن يبالغ في أهمية المرض والموت. ففي مواجهته لهما - في
الحقيقة - نكون في صميم قدرنا وسرنا.
والآن ثمة نقطة أخرى
أود أن ألمح عليها بالنظر إلى هذه العلاقة بين عملي الدرامي والفلسفي. ثمة حقيقة
مؤداها أن الرؤية الدرامية - ما أراه بمساعدة شخصياتي - كثيرا ما استبقت ما لم يكن
يمكن أن يظهر لي إلا فيما بعد على المستوى الفلسفي. وأستطيع أن أضرب على ذلك عدة
أمثلة. لقد أشرت إلى مسرحيتي المسماة "قصر من رمال" وهي واحدة من أولى
مسرحياتي المنشورة. لقد كتبت "قصر من رمال" في 1912 - 1913 وما يستوقفني
هو أنها بوضوح متقدمة على ما كنت أكتبه في ذلك الحين بلغة الفلسفة. يرى المرء هنا
- من الناحية الفعلية - ضربا من النقد، من موقف وجودي، لتلك المثالية في الإيمان
التي كنت ما زلت إلى حد ما أتشبث بها، فقد ظهر بعد ذلك بعض الشيء مرة اخرى في
القسم الأول من "يوميات ميتافيزيقية".
وثمة مسرحية أخرى
كثيرا ما يأتي ذكرها في الكتب الموضوعة عن عملي هي مسرحية "محطم
الأوثان" ففي المشهد الأخير منها نجد أن فكرة السر باعتباره موضحا تظهر في
سياق درامي، السر بوصفه قيمة إيجابية توضع في مقابل ما يظل مجرد إشكال.
- 4 -
فإذا جئنا إلى
المحادثة الرابعة وجدنا ريكور يبدؤها بهذا السؤال: "أريد أن أطرح عليك يا
مسيو مارسيل سؤالا لا أستطيع أن أؤجله أكثر من ذلك. ثمة طاقة - لا توجد كلمة أخرى
تصف ما حدث - تعلق على عملك: بطاقة الوجودية المسيحية. فالناس يميلون إلى أن
يقولوا إن ثمة وجودية ملحدة هي وجودية سارتر وهيدجر ووجودية مسيحية هي وجودية
باسيرز وجابريل مارسيل. ما رأيك في هذا؟"
فيقول مارسيل:
"لا بد لي من أن أقول إني ضد هذا التصنيف تماما. تعلم مثلما أعلم أن سارتر هو
الذي بدأه في محاضرته المعروفة عن الوجودية من حيث هي مذهب إنساني ومهما احتججت
على هذه الطريقة في صياغة الأمر فلن يكون احتجاجي كافيا، والحق أني لم أستخدم قط
كلمة وجودية على نحو تلقائي. ففي 1946 - في مؤتمر روما - اكتشفت أن أحدهم قد
استخدم الكلمة في وصف عملي. ووقتها لم أهتم بالأمر. ولكني بعد ذلك بفترة قصيرة
بدأت أهتم عندما أقبل أحدهم يسألني إن كنت أوافق على أن يكون "الوجودية
المسيحية" عنوان مجلد مهدي إلي في مجموعة "الحضور" التي تنشرها دار
بلون.
لزام
علي أن أقول أني بصفة عامة لم أجد هذه الفكرة جذابة . ولكني حرصت رغم ذلك على أن أطلب نصيحة رجل
أثق به كثيرا هو لوي لافل. قلت له: "أنت تعرف عملي. وأنا أثق بحكمك كثيرا. ما
رأيك في هذه المسألة؟" وقد أجابني: "إني أفهم حق الفهم كونك لا تميل إلى
هذه العبارة: الوجودية المسيحية. وأنا أيضا لا أميل إليها. ولكن يبدو لي – على ذلك
– أن من الممكن أن تقوم بتنازل وتأذن للناشر باستخدامها". وهكذا استسلمت.
ولكن لم يمضي وقت طويل حتى غدوت على ذكر من الكلام الفارغ الذي أفضت غليه كلمة
"الوجودية"، خاصة بين سيدات المجتمع، ومن ثم أسفت على أني كنت مجاملا
إلى ذلك الحد. ومنذ عام 1949 وأنا أقول – في كل مناسبة – إني أرفض هذه البطاقة
وإني – على نحو أكثر عموما – أنظر من البطاقات واللواحق التي تدل على نظريات أو
مذاهب isms".
لكن
مارسيل لا ينفي علاقة فلسفته بالمسيحية. يقول له ريكور: "عندما نتحدث عن السر
الأونطولوجي فإنك تستخدم كلمة مأخوذة من لغة المسيحية: كلمة "السر" لكن
كلمة "أونطولوجي" تنتمي إلى لغة الفلسفة. ألا يقول تعبير "السر
الأونطولوجي" في الواقع أكثر من الكثير للفيلسوف وأقل مما يكفي للمؤمن، أو
على الأقل للاهوتي، بقدر ما لا يشير بصورة خاصة إلى شخص المسيح من حيث هو كذلك؟ ماذا
ترى في هذا النحو من الاستدلال؟".
ويرد
مارسيل: هنا يتعين علينا أن نرتد إلي الوراء كثيرا أن ما ينبغي رؤيته هو الطريقة
التي تأديت بها إلي المسيحية . تعلم انني نشئت علي غير دين ولكني علي ذلك- من
اللحظة التي بدات أفكر فيها فلسفيا لنفسي لاح إني منجذب- علي نحو لا يقاوم- إلى أن
أنظر إلي المسيحية بعين الرضا أعني
أني أنجذبت إلي الإعتراف بانه لا بد أن يكون ثمة حقيقة عميقة علي نحو بالغ في
المسيحية وأن واجبي كفيلسوف هو أن أكتشف كيف يمكن فهم هذه الحقيقة. كانت مشكلة
أنذاك هي في الحقيقة مشكلة إمكانية الفهم. كان ذلك في الوقت الذي كان من عادتي فيه
أن أعرض كتاباتي علي فيكتور دلبوس وكنت أشعر باهتمامه الكبير بهذا البحث .لكني عبر
السنين وجدت نفسي في موقف غير معهود: موقف الشخص الذي يؤمن بعمق بإيمان الآخرين
ومقتنع بصورة كاملة بـأن هذا الإيمان ليس وهما ومع ذلك لا يستطيع أن يقر بإمكانية
أو حق أخذ هذا الأيمان بصورة مطلقة علي ما هو عليه. كان ثمة مفارقة في هذا-أري هذا
علي نحو بالغ الوضوح – دامت معي زمنا طويلا. وربما كان لي أن أقول أني ظللت
زمناً طويلاُ أسير علي حبل مشدود وأني في
لحظة معينه كنت بحاجة إلي تدخل خارجي- تدخل ( الروائي الفرنسي الكاثوليكي) فرانسوا
مورياك لكي يعنني علي مواجهة هذا الشذوذ علي التساؤل – علي أن اسأل نفسي: إلي- في
الحقيقة – الحق في أن أظل علي هذا الدرب أكثر من هذا ؟ " كلا : شعرت إني
مشدود إلي أن أجهر بولائي صراحة . حدث هذا في وقت من حياتي كنت فيه في سلام مع نفسي
ولم يكن ثمة هم خاص. كان هذا بالنسبة لي – سببا للظن بأن الدعوة التي وججها إلي
موريال ينبغي أن تحمل علي محمل الجد بصورة مطلقة. ربما أكون قد أخبرتك أني ترددت
بعض لحظات. قلت لنفسي " لابد لي من أن أغدو مسيحياً. لابد لي من أن أغدو
عضواً في كنيسة. ولكن أتكون هي الكنيسة التي مرت بالإصلاح ( البروتستانتي) ؟
" كانت زوجتي بروتستانتية وكنا وثيقي الصلة علي نحو غير عادي. وأنا أكن
لأسرتها أعظم المودة. وهناك أخ لزوجتي كان قساً
أشبه بموضع سري لكني أخترت الكاثوليكية.ومن المحقق أن أثر شارل دي بو كان هو الأثر الأكبر في هنا . لاح لي أن اختيار
المسيحية أنما يعني اختيار المسيحية مكتملة وكنت أجد هذا الأكتمال في الكاثوليكية
أكثر مما أجده في البروتستانتية. لاح لي أن البروتستاتينية لا تقدم سوي تغيرات
جزئية متنوعة، ومفتقرة إحيانا إلي الاتساق، عن هذا الاكتمال وأنه من العسير جداً الأختيار
بين هذه التعبيرات. ذلك علي وجه الدقة. ما حدث
-5 -
وتتقدم
محادثات ريكور ومارسيل إلي ختامها في المحادثة الخامسة إذ يثير الأول مسألة البعد
العام والبعد الخاص في فلسفة الثاني. يسأله : " أيمكن القول بأن فلسفتك فلسفة
الحياة الداخلية، ومن ثم فهي في نهاية المطاف فكر مقطوع الصلة بالواقع، أو ربما
أنها تعالج العالم فحسب لكي تلح علي قيمة العلاقات بين الأشخاص كعلاقة الوفاء -
التي كتبت بعض صفحات رائعة عنها- بحيث أنك تتجاهل العلاقات الاجتماعية بالمعني
الدقيق لهذه الكلمة ؟ ويتأدي بنا هذا الاعتراض إلي النظر فيما نحب أن نسميه "
ما هو إنساني في الإنسان " أي مكان تشغله هذه الموضوعة (القيمة) في فلسفتك
" "
فيرد
مارسيل: أظن أن هذه الموضوعة قد غدت متزايدة الأهمية في فكري عبر السنوات العشرين
الماضية…وأستطيع أن أقول انه ليكون خطأ عميقا، خطأ جديا علي نحو بالغ، الإدعاء بأن
فكري معني " فقط بالحياة الداخلية" ويضرب مثلا علي ذلك موقفه من مشكلة
عالم التكنولوجيا.
" ربما كنت في البداية قد اتخذت موقفا عدائياً
علي نحو مبالغ فيه- من التكنولوجيا. واليوم يلوح لي هذا سخفا محالا. فلست ، بعد،
علي استعداد لأن أدين أي مثل واحد من امثلة التكنولوجيا. أعتقد ان التكنولوجيا
جيدة في حد ذاتها. ومن ناحية أخري أعتقد أنها يمكن أن تستخدم استخداما خاطئاً"
ويفرق
مارسيل بين ما يدعوه التزاما جذريا والتزاما طارئا أو مشروطا : يلوح لي أن
الألتزام الجذري مرتبط بمهنة الفيلسوف. علي الفيلسوف ألا يرفض هذا النوع من الألتزام.
لكن ثمة ايضا التزام مشايع، طارئ أو مشروط ، أرفضه أن الإلتزام الجذري مرتبط
بـ كيف أصوغ الأمر؟. الشروط الهيكلية
للوجود الشخصي فعلي سبيل المثال لا مجال عندي لغير إدانة كل نوع من العنصرية إدانة
مطلقة . وبالمثل لا مجال عندي لتقبل التعصب الديني . هذان مثلا لمواقف أظن أنه
ينبغي علي الفيلسوف فيها أن يتخذ موقفا نضاليا حقاً. أما الالتزام الطارئ أو
المشروط فأمر مختلف كليةً. أنه في الحقيقة التزام باسم حزب وأنت تعلم حق العلم أني
في بعض إعمالي. خاصة في مسرحياتي ، قد أقمت تضاداً مطلقاً بين المشايع والإنساني،
إذا أفهم كلمة " الإنساني" هنا علي أنها تعني ارتباطا بقيم إنسانية
بالمعني الصائب للكلمة. هذا هو المعني العميق لمسرحيتي" الريح" التي
أعيد نشرها منذ عدة اشهر مضت وأعتبرها من أكثر مسرحياتي دلالة.
ويقول
ريكور: أني أجد نفس التفرقة بين الإلتزام الجذري والالتزام المشايع في ردك الفخم
علي الأستاذ/ كارلو شميت عندما منحت جائزة السلام في سبتمبر 1964 وفي هذا السياق الجرماني أراك قريب
الصلة لا بهيدجر فحسب وإنما أيضا …ـ ربما ـ
بماكس فيبر الذي يفرق بين أخلاقيات الإقناع وأخلاقيات المسئولية ( ما كان
يدعوه أيضا : أخلاقيات القوة) أتري أن ثمة ، من الناحية الفعلية ، مستويين من
الأخلاقية أحدهما يعبر عن التزام من حيث العمق ينبغي باستمرار أن يمارس ضغطا علي
النظام السياسي والاجتماعي ، ومستوي أخر يقاس بما هو ممكن ومعقول ؟
فيقول
مارسيل : لست أعرف فكر ماكس فيبر جيداً ، ولكني لن أدهش لو أنك كنت معيبا في عقد
هذه المقارنة. فمن ناحية نجدها – أليس الأمر كذلك ؟ -أننا يجب أن نرتد إلي هيدجر
.علينا أن نتذكر أن هيدجر في إحدى اللحظات كان أكثر من متسامح مع الهتلرية
الوليدة، وهذا يظل غلطة لا تمحي( في سجله) ويلوح لي أن هذا التسامح ما كان ليستنى
لولا نقص فلسفي معين، علي حين اننا تعرف حق المعرفة أن موقف ماكس فيبر من كل مسألة
أساسية ظل دائماً موقفا لا تثريب عليه.
-6-
وفي
المحادثة السادسة والأخيرة يسعي ريكور إ لي إبراز الوحدة الجذرية لفكر مارسيل علي
ما قد يبدو به من شتات . يقول له : " أتظن أن هذه الوحدة يمكن أن يعبر عنها
الوصف الوحيد الذي تقبلته- في تصدير كتابك " سر الكينونة " علي ما أعتقد
- وصف " السقراطية الجديدة " ؟ "
فيقول
مارسيل: أجل ولكن لاحظ أني لست صاحب هذه التسمية. لقد اقترحها ذات مرة جوزيف شينو
الذي يعمل الأن استاذاً في المغرب ، عندما كان يختلف بانتظام إلي حلقات بحثي.كان
ذلك في أعقاب الحرب العالمية الثانية بالضبط. ومن الناحية الفعلية أظن أن هذا
الوصف ربما كان أقل الأوصاف تضليلاً، رغم أني بطبيعة الحال أنفر بشدة من كل كلمة
تنتهي بالمقطع ism أن
تعبير " السقراطية الجديدة "
يلوح لي أنه يؤكد الدور المركزي الذي يلعبه التساؤل في فكري، والحقيقة الماثلة في
أن همي الأول في إغلب الأحيان كان العثور علي طريقة كفء لصياغة المشكلات قبل
محاولة حلها .
كذلك
يولي التعبير إلي حقيقة مؤداها أنه رغم أوهام مراهقتي توصلت في النهاية إلي أنه من
اللازم أن أنبذ نبذاً مطلقاً فكرة إقامة
نسق( فلسفي) لاح أن طريقة تفكيري لا تتسق والشكل المنهجي. وقد يكون لي أن أضيف أني
رحت أتامل نقديا الطابع الملتبس- والمقلق أحيانا- للصلة بين الذات ونسقها. أن شيئا
في عبارة " صاحب نسق " قد ظل دائما يقلقني.
من
اللحظة التي ينشئ فيها المرء مذهبا يغدو، فيما يبدو، معنيا باستغلاله والتحكم فيه
. وهذه الأفعال التي تصدق علي المستوي المادي تفقد شيئا من معناها أو علي الأقل
يحرف معناها ، علي المستوي الروحي.
وإلي
هذا الحد اعتقد انك مصيب في القول بان تعبير " السقراطية الجديدة" يمكن
الإبقاء عليه. وألاحظ أنه في واحد من أعمق الكتب التي وضعت عن عملي قد استخدم
صديقي زاقيية تيليت هذا التعبير.
وينتقل
ريكور إلي خيط الرحلة في عمل مارسيل، خيط" الإنسان في الطريق أو الإنسان
السالك أو الجوال أو المتنقل Momo Viator فيعقب ريكور علي ذلك
بقولة " أم أني أذ أرتد بنظري إلي
المدرب الذي سافرت عليه أجد آني كنت تدريجيا أعيد
تقويم فكرتي عن الخبرة . أتذكر- ولا بد لي أن أقول إن هذا يحرك في تهيجا
قديما- الازدراء الذي اعتدت أن أكنه
للنزعة التجريبية empiricism في مراهقتي
من الحق أن هذه التجريبية كانت ، بصورة خاصة هي الصورة الإنجليزية منها : كنت أفكر
آنذاك في لوك وبدرجة أكبر في هيوم. وفيما بعد عندما بدأت أتصل بالفكر الأمريكي ،
خاصة فكر وليم جيمز، نقحت حكمي هذا. لكني أعتقد أن تفكيري في التجريبية غداً أدق
ليس فقط من جراء أتصالي بفلاسفة أخرين . كلا. اطن أن هذه الدقة كانت ، في المحل
الأول ، نتيجة للحياة . وبـ "الحياة
" أعني الحياة مع الأخرين وتأمل
الأخرين والعلاقات الشخصية وما بين الذوات ، وهو ما لم تكن قد تحدثنا عنه بما فيه
الكفاية - ربما- ولكنه- علي ذلك - أساسي جداً بالنسبة لي.
ويختم
ريكور المحادثة بقوله : "أنك من نفس السلالة التي ينتمي إليها شارل بياجيه
وأمانويل مونييه وكل أولئك الذين أدركوا الوحدة العميقة للبدن والروح -وإن كل فكرك
يشهد بالتجاوز البالغ والاتصال الصارم بين التجسد- أساس كل جولاتك وبحثك- والأمل
الذي ليس شيئا سوي سلوك مستمر". فيرد مارسيل : أعتقد أنك علي صواب أذ تذكر بياجيه . ومن المحقق أنه قل من الكتاب من أشعر
أني قريب منهم مثله . وعموما أشعر أني أقرب إليه من قرابتي لكلودل ، مثلا أني علي
أية حال أقرب إلي طريقة تفكيره ونوع التزامه من قرابتي لكلودل ، رغم أني أعجب
بعبقرية كلودل إعجابا كبيراً واقر بما كان له من اثر في حوالي أعوام 1912 - 1914.
وهنا يورد ريكور
السطور الختامية من كتاب مارسيل " الأنسان الجوال" أية ياروح التحول،
عندما نحاول ان تمحو تخم السحب الذي يفصلنا عن العالم الآخر ، أهد حركاتنا التي تعوزها الدقة ! وعندما تدق الساعة المقدورة أيقظينا !
"
حاشية
لمزيد من القراءة عن جابريل مارسيل في اللغة العربية
كتابات
عربية
* د. محمد مندور، في المسرح العالمي، مكتبة نهضة مصر، د.ت
* فؤاد كامل، فلاسفة وجوديون ، سلسة كتب ثقافية، الدار
القومية للطباعة والنشر،د.ت
* فؤاد كامل ، مدخل إلي فلسفة الدين ودراسات أخري، الهيئة
المصرية العامة للكتاب 1984
* عايدة مطرجي إدريس، نظرات في المسرح الفرنسي الحديث :
الأيدبولوجية الملتزمة، مجلة الآداب " ( بيروت) كانون الثاني ( يناير)1957
* د. ذكريا إبراهيم، دراسات في الفلسفة المعاصرة ، مكتبة
مصر1968
* ذكريا إبراهيم، الفلسفة الوجودية، سلسلة اقرأ، دار المعارف،
مايو1956
مترجمات
* ريجسي جوليفييه، المذاهب
الوجوديةمن كيركجورد إلي جان بول سارتر، ترجمة فؤاد كامل، الدار المصرية للتأليف والترجمة، أكتوبر 1966
*جان فال، الفلسفة الفرنسية من ديكارت إلي سارتر ، فؤاد
كامل، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر1968
* جون ماركوري، الوجودية، د. امام عبد الفتاح أمام ، عالم
المعرفة ( الكويت) أكتوبر ( تشرين أول ) 1982
* أم بوشنسكي، الفلسفة المعاصرة في أوربا، د. عزت قرني، سلسة
عالم المعرفة (الكويت) ستبمبر /أيلول1992.
* ج. أرمون ( محرراً) الموسوعة الفلسفية المختصرة، ترجمة فؤاد
كامل وجلال العشري وعبد الرشيد الصادق، مراجعة وإضافات د. زكي نجيب محمود، مكتب
الأأنجلو المصرية1963
* هـ.ج . بلاكام ، ستة مفكرين وجودييين ، عرض ماهر شفيق فريد،مجلة الطليعة إبريل 1971 .
عن
بول ريكور ( كتابات عربية )
* د. أحمد ابو زيد، بول ريكير وفن القراءة " في كتاب :
الطريق إلي المعرفة، كتاب العربي(الكويت ) 15 أكتوبر 2001
* محمد هاشم عبد الله، ظاهريات التأويل: قراءة في دلالات
المعني عند بول ريكور مجلة فصول ، العدد 59 ، ربيع 2002
* حسن البنا ، بول ريكور … مكانته في النقد الادبي، في كتاب :
جماليات التلقي والتأويل، إشراف د. عز الدين إسماعيل ، إعمال المؤتمر الدولي الأول
للنقد الإدبي ( القاهرة أكتوبر 1997 ) الطبعة الأولي 1999
* سامي خشبه ، مفكرون في عصرنا، المكتبة الأكاديمية 2001
(مترجمات )
* بول ريكور ، مشواري الفكرب : رؤية بانورامية ، ترجمة د. كاميليا صبحي، مجلة الألسن للترجمة ، العدد الثاني ، يناير2002
* بول ريكور،الهوية السردية، ت: سعيد الغانمي، مجلة القاهرة
العدد180نوفمبر 1997
* بول ريكور "الأيدلوجيا واليوتوبيا
والمتخيل"والنموذج اللساني" في الفلسفة الحديثة "نصوص مختارة ،
اختيار وترجمة د. محمد سبيلا د. عبد السلام ، المعهد العالي ، أفريقيا الشرق (
بيروت) 2001
* بول ريكور ، الاستعارة والشكل المركزي للهيرمنيوطيقا، ترجمة
طارق النعمان ، مجلة الكرمل العدد 60 صيف 1999
* بول ريكور، إشكالية ثنائية المعني ، ترجمة د. فريال حبوري
غزول، مجلة ألف العدد الثامن(عن الهرمنيوطيقا والتأويل) ربيع 1988 قسم الآداب
الإنجليزي والمقارنة ، الجامعة الأمريكية بالقاهرة
* عدة أفلام ، الوجود والزمان والسرد: فلسفة بول ريكور، ترجمة
وتقديم سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي( الدار البيضاء) 1999
نماذج
من الفكر الفرنسي المعاصر، ترجمة د. كاميليا صبحي ، دار الثفافة للنشر والتوزيع
1998.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق